صرخة أم



صرخة أم
اقترب موضع ولادة زوجته وكان لمثل الأستاذ خالد المدرس بمدرسة قطاع غزة الابتدائية
أن يفرح خاصة وأن هذا أول مولود له ولكن ربما كان قد تمكن أن يفرح لو أن الحال غير
الحال أو أن هذا المولود قدجاء فى وقت آخر ولكنه قضاء الله كان يحمل هما عظيما بين
جوانبه فلم يبق سوى أسبوع تقريبا عن موعد الولادة كما حدده الطبيب مرت الأيام وجاء
الموعد استيقظ من نومه ليلا على صوت زوجته تصرخ إنه ألم الوضع ولكن القدر أبى الا
ان يتم عليه مصيبته فقد كان القطاع فى ظلام دامس ماذا يفعل ؟ أخذ يدور عل
المستشفيات بحثا عن مستشفى تقبل زوجته أو سيارة اسعاف تسعف زوجته لم يجد أى
مستشفى تقبل زوجته فالمعدات قد توقفت نتيجة للحصار الذى فرض على القطاع ما
العمل كان صوت صراخ زوجته يرن فى أذنيه
يا الله ماذا يستطيع أن يفعل لها؟
كيف يستطيع أن ينقذها من خطر ليس له ذنب فيه؟
لم يكن يعرف ماالحل لهذه المشكلة لجأ أخيرا الى الطريقة البدائية للتوليد بنصيحة أحد
أصدقاءه الاطباء والذى أشرف بنفسه على العملية عملية الولادة التى تمت وكأننا فى
العصور الوسطى طلب الطبيب ماء ساخنا لم يستطيعوا تسخين الماء فقد خلى القطاع من
الوقود استخدموا الخشب فى عملية التسخين نجحوا بصعوبة فى انقاذ حياة الأم والجنين
وولد الطفل ولد الى مصيره المجهول ولد الى عالم لا يعرف الرحمة حتى ولو فى حق طفل
صغير ولد الى عالم قد رضى أن يحكمه شريعة الغاب
- حمدالله على سلامتك . قالها الأستاذ خالدالى زوجته وهو يتكلف الابتسامة .
- غالبت الأم دموعها وهى ترد عليه هلى ترى أن هذا الطفل مكتوب له أن يعيش فى هذا
العالم ؟ فقال : لا يعلم المكتوب سوى الله والآن استريحى انت
خرج من المنزل يبحث عما يشتريه لإطعام زوجته النفساء
ربما أنه نسى أن قطاع غزة قد خلى من الطعام بل قد خلى حتى من الحياة
أخذ يدور فى المحلات والأسواق يبحث عن أى شئ أى شئ لم يجد جن جنونه فماذا
سيطعم زوجته ؟إنها فى أمس الحاجة الى الطعام ليس فقط من أجلها بل من أجل وليدهما

عاد الى المنزل دون أن يجد شئ عاد وهو يشعر بكل آلام الدنيا فى نفسه
يشعر بالعجز أمام زوجته التى لا يستطيع أن يوفر لها أبسط حقوقها وهو الطعام.
لم يدر ما يفعل ولم يدر مايقول طفله حالته تسوء أمامه وهو لا يستطيع أن يفعل شئ له
لم يمهله القدر وقت ليقول شئ فقد سمع صراخ زوجته لم ينتظر ليعرف سبب الصراخ فقد
كانت الصرخة أبلغ من الكلام انها صرخة أم
صرخة أم فقدت وليدها بسبب حصار لا يعرف الرحمة
فقدت وليدها بسبب صمت عربى ليس له قلب
فقدت وليدها بسبب تواطؤ انظمة حكم لا تعرف شئ سوى مصالحها
صرخة تسائلت من خلالها بأى ذنب قتل هذا الطفل الذى لم يبلغ من العمر سوى أيام
ان هذا هو حال الكثير من أطفال غزة وشيوخها فمن المسئول عن قتلهم هل هم اليهود
وحدهم لا والله ان المسئول هو أنا وانت ليس غيرنا
نحن من نساعد اسرائيل فى هذا الحصار على الشعب الفلسطينى ها نحن نرى شعب يباد
فماذا نحن فاعلون ؟؟؟؟